(ص، ف ، ر) يبلغ من العمر ٤٥ سنة رب أسرة، زوجته وأربعة أبناء، أكبرهم في ال 16 من عمرها فتاة في بداية المرحلة الثانوية، كانت الأسرة في قمة السعادة فالحب يجمعهم
وتسود العلاقات الأسرية المتميزة مع العائلة، الأوضاع الاجتماعية متميزة، التوافق الأسري والمهني والاجتماعي في درجة مرتفعة، والوضع الاقتصادي هو الآخر لا مشكلة فيه فرب الأسرة من عائلة ثرية، وهو مغترب يجني الكثير من المال، لكن المشكلة في (إتباع الهوى والنفس الأمارة بالسوء والشيطان، الجهل وغياب الوازع الديني، الفضول ورفقة السوء، وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي، وتوفر المادة بالأسعار المنخفضة، وأصحاب الشر كثر، والغربة لها دور)- كان في غربة المكان أو في الوطن فمع الشبو كلاهما سواء فغربة الروح والنفس تلازمان المتعاطي-.
هنا بدأت الحكاية توافرت الأسباب والمبررات الواهية، وطغت وطمست الحقيقة، فالشكوك بداية قاتلة والظن السيئ لا يحيط إلا بأهله.
طريق الانحراف عن الحق والحقيقة والواقع المدرك، سبيل لتشكيل واقع وهمي ينسجهُ الخيال، وخروج العقل عن التغطية ووقوف العمليات الإدراكية، هي نتيجة أولية للتعاطي، فيما تتدارك الآثار وتتوالى مع التمتع والنشوة للتعاطي، مفعولها يبدأ بالانتشار وتكوين واقعها اللذيذ .
كان ص. ف. ر، لا يدرك النتيجة لكل الأحداث التي قد وضع أول خطوة له فيها، فمن جرعة التعاطي الأولى سحب البساط من تحت قدميه، وأصبحت القيادة دون العقل والإدراك، واي كان القائد فالنتائج وخيمة، لقد خانته قدميه فانزلق في براثيين الرذيلة والانحراف ومن أول رشفة، فتحت أبواب الجحيم، وصفد العقل والإدراك وبدا بالهوس والهلوسات والوسواس، غاب الوعي وبرزت الأفكار النمطية والشعارات الفضفاضة، اختفى الذهن، وتوالت الصور الذهنية المغلوطة، انفصلت الحواس عن الواقع، وبدت هلوسات سمعية وبصرية وهمية هلامية، غاب المنطق، وصدع الهذيان، واختفى اثرالحق والحقيقة، وذاعت الشكوك والظنون، نامت الحكمة وبزغت الظلالة .
(ص، ف، ر) سقط في غيهبة الغواية والسعادة الهلامية يستمتع بالوهلة الأولى، ولكنه وبدفع من شركاء ألغي والهوى تستمر في الولوج إلى الأعمال في أعماق الجحيم، كان يظن أنه ليس في الجحيم فالمكان واسع والعتمة تتدرج من الملون إلى الأبيض فالرمادي، وهو لا يدرك لا يعي لا يفهم لا يحس أو يشعر، بالبداية كان كالمغشي عليه من المس، في حين كان الاستدراج يسحبه إلى أعماق قعر جهنم بذاتها، فهناك بداء يلوح ظلام حالك إنها جهنم، الوسواس يرتفع، وبداء يتمكن رويدا رويدا، ظلام دامس كثيف من الحيرة ممزوجة بالقلق مغلفة بالكآبة.
مع كل جرعة جديدة كان (ص. ف. ر.) يغور في الانزلاق إلى الوحل في براثين ودهاليز التعاطي.
صار يلاحق السعادة الوهمية ويبتعد من السعادة الحقيقية والواقعية، يلهث خلف المتعة، ويبتعد عن التوافق مع الذات والآخرين، والتوافق الأسري بداء ينهار والثقة تزول، فهو في الهلوسات السمعية والبصرية يرى ويسمع الخيانة والوسواس القهري يستحوذ على الواقع والظن السيئ يربو ويكبر، الثقة الأسرية تختفي، فيسمع في هلوساته ويرى فيها ما يؤذي ، فيرصد الرجل الأوهام ويوثق بالصور عبر الاتصال والكلام والصور كل خيال لا يراه ويسمعه إلا هو، ومع الاستمرار في تعاطي الشبو للهروب، ينزلق أكثر وأعمق.
صارت الهلوسات هي الواقع لدى (ص. ف. ر.) والحقيقة لا وجود لها، وبدأت ملامح الانحراف الأخلاقي والسلوكي تلوح في الآفاق، وخاصة المجال الأسري، لانعزاله عن الآخرين والانطواء سيد الموقف، وتفوح عبر الاتصال بالزوجة والأبناء رائحة الانحراف، ويبرز التعصب والغضب والعدوانية والعنف، أصبحت الأسرة السعيدة تعيسة.
ومع عودة الرجل من الغربة إلى منزل الأسرة، تأكدت شكوك الزوجة وانتابها الخوف والهلع، وبدأت المشاكل ووضحت معالم وأسباب الانحراف، وتطور الانحراف إلى السعي لمقارفة الجرائم، فخافت الزوجة من العواقب، واتخذت القرار الصائب لحماية الأطفال وخاصة الإناث من انحراف الأب، فاعتزلت وأبناءها المنزل وطالبت بالانفصال .
كان (ص، ف. ر،) في عالم الوهم يصر على حقيقة الخيانة ويجاري الهلوسات ويحاول تقديمها بالأدلة الثبوتية التسجيل والصور التي لا يرى التشوهات إلا هو فحسب، أما الآخرين فيتعجبون من تلك الهلوسات التي استحكمت بالرجل، مع أن رب الأسرة بدأت تصروفاُته، تؤكد مخاوف الزوجة على أبنائها، وخاصة ابنتها الكبرى التي هي الأخرى شعرت بالخوف من أبيها عند الانفراد بها ولاحظت بعض تصروفاته، التي اثرت الرعب والخوف في الفتاة وإخوانها وأمهم، وكانت تلك التصروفات المخجلة، سببا في تفكك الأسرة، والقضاء على سعادتها، مع إصرار، (ص ف. ر،) على التعاطي والإدمان.
إنه الشبو جمع غربة النفس وعزلة الجماعة والأسرة، وضيق الصدر وكفران النعم، وعصيان الخالق، بجسم إنسان (ص، ف، ر) تلبسه الشيطان.
إنه الشبو ، يعبث في الذات ويخرج المكبوت والمدفون في أعماق أعماق الإنسان، يحرك الدوافع المكبوتة، يحرر الانفعالات المقيدة والمصفدة ، يفتش في أعماق الذات فينتقي الدوافع الغريزية من أعماق اللاشعور، فيمكنها من الاستحواذ على السلوك والتحكم به، ويسطو على العقل فيصفده، وعلى القيم والمرجعيات الأخلاقية فيمحوها من الذاكرة، ومن الدماغ.
إنه الشبو ، يكسر شفرات ومغاليق اللاشعور، ويعزز محتواها ويرسلها إلى الشعور- (بما تحوي من المساوئ والآثام، الأعمال والأقوال والأفكار والمشاعر والانفعالات غير المرغوبة، أنه الذات العورة ، والمجال المخزي الذي يضم كل ما تتمنى نسيانه من القبائح والآثام، والأفكار الشاذة، والمشوهة، أنه مخزن الكبت، والحرمان، وكل معيب أنه النفاية التي تحاول التخلص منها لحماية توازن وتكامل الشخصية)- يصفد العقل، ويفصل الذاكرة، وينزع الشعور ويغلقه، يفرمت الوجدان.
إنه الشبو الوجه الآخر اللاشعور في الإنسان، والشخصية السيكلوبادية، والانفصام التام للشخصية الواقعية، و ابراز الشخصية المضادة، أنه الشبو يفكك الشخصية...