المخدرات: (المعالجة القانونية والمكافحة الأمنية وغياب الدور الاجتماعي)
  • 30/06/2023
  • أولا: معالجة المخدرات قانونيا
    لقد أنعم الله على الإنسان بنعمة العقل وهو أعظم نعمة من الله بها على الإنسان وشكر النعمة الحفاظ عليها من كل ما يذهبه ويغيبه أو يشوبه أو يشوشه أو ينحرف به في غير ما وجد من أجله من الأهداف  أو إفساده أو إفراغه من محتواه وعدم الحفاظ عليه من خلال ارتكاب بعض الأفعال التي نهى الله عنها، والتي تحجب العقل وتمنعه من القيام بالمهام التي خلقه الله لأدائها،و من تلك الأفعال تعاطي المسكرات والمخدرات والسموم المؤثرة عليه والابتعاد عن الرشد، والشريعة الإسلامية تحرمها وتضع قواعد عقابية رادعة وزاجرة ضد من يتعاطى تلك المواد والسموم الساحقة للعقل والمفسدة للمجتمع، بناء على قاعدة القياس المرتكز على تحريم وتجريم الخمور.
    والمخدرات شرا فتاك بعقل الإنسان، وأكثر خطرا على مجتمعه، فتم تشريع  القوانين التي تجرم التعاطي والاتجار والزراعة والصناعة للمخدرات بكافة أنواعها في مختلف دول العالم، وتنظيمها وفقا للدراسات والأبحاث الطبية المتخصصة للاستخدام العلاجي الضروري وفق الإرشادات والقوانين المنظم لذلك
    ففي اليمن هناك القانون الذي صدر عن المؤسسة التشريعية في هذا الشأن وهو القانون رقم 3لسنة 1993م لمكافحة الاتجار والاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية واستخدامها وتعاطيها.
    وقد خصص هذا القانون لمكافحة المخدرات وتجريم وتصنيف وتشديد العقوبة والردع والزجر والتحديد بالتفاصيل للتسميات والمفاهيم وبما يتناسب مع خطورة  واتجاهات الظاهرة و الآثار والعواقب الوخيمة والمتعددة .
    فظاهرة المخدرات أصبحت اليوم من الظواهر الاجتماعية الأشد خطورة والأكثر انتشارا في المجتمعات، وهي تتبوأ مكانا عاليا في قائمة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والقارات، وهي ظاهرة متجددة ومتطورة واستخدامت أحدث التقنيات والتكنولوجيات والوسائل والأساليب التي تعمل على انتشارها والوقوف خلفها تنظيمات وجماعات  إرهابية وتخريبة ، بالإضافة إلى دخولها في إطار سياسات واستراتيجيات لدى بعض الجماعات والدول، وإبعاد وتنصل وتستر وتملص القائمين على انتشارها من أن تطالهم يد العدالة.
    تعد جرائم المخدرات من الجرائم الجسيمة جرائم التعزير وفق المادة ال15 التي تنص على اعتماد العقوبة مقياس تصنيف الجرائم الجسيمة وغير الجسيمة، وتتضمن جريمة أو جرائم المخدرات العديد من الأفعال المجرمة المنصوص عليها في قانون المخدرات (جلب، وتصدير، وترويج، واتجار، وحيازة، وحرز، وبيع وشراء، وتصنيع وانتاج، وزراعة، ونقل، وتعاط،، والتعدي والاعتداء على القائمين بالمكافحة أو إنفاذ أحكام قانون المخدرات).
    المفاهيم وتعريف المخدرات
    تعريف المخدرات في اللغة
    المخدر اسم فاعل من خدر وفي اللغة مادة (خدر) ستر (الخدر) الظلمة ( الخادر ) السكران والخدربالفتح والتشديد للخاءمن الشراب والدواء، فتور يعتري الشارب وضعف.
    تعريف الفقه والقانون
    ويعرفها فقهاء القانون (كل مادة يؤدي تعاطيها إلى إلحاق الأذى بالنشاط الذهني أو العقلي للإنسان). ويعرفها آخرون. (كل مادة يترتب على تناولها إنهاك للجسم وتآثر شيء على العقل حتى تكاد تذهب به، وتكون عادة الإدمان، وتجرمها القوانين الوضعية).
    ويعرفها القانون (كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تزيل العقل جزئيا أو كليا وتناولها يؤدي إلى الإدمان مما ينتج عنه تسمم في الجاهز العصبي فتضر الفرد والمجتمع).
    والقصد في قانون المخدرات والمرتبط بارتكاب جرائم المخدرات ثلاثة انواع، الأول الاتجار والثاني الترويج و الثالث التعاطي، ولكل واحد عدد من الأفعال أو المقاصد في قانون المخدرات اليمني الفصل التاسع
    (أولا) قصد الاتجار في المادة (٣٣) الفقرة (أ): (كل من صدر أو جلب مواد مخدرة بقصد الاتجار أو الترويج).
    والفقر (ب): (كل من أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع مواد مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار) وفي المادة (٣٤) (أ) (كل من تملك أو حاز أو اشترى أو باع أو سلم، أو نقل، أو قدم للتعاطي مادة مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار فيها)
    والفقر (ب) (كل من زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول الخامس، أو صدر أو جلب أو حاز أو حرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل  نباتا من هذه النباتات في أي طور من الأطوار نموها، كل ذلك بقصد الاتجار).
    (ثانيا) قصد الترويج وقد جاء الترويج مقترنا بمادة واحدة فقط بالاتجار وهي المادة (٣٣) الفقرة (أ) بالاتجار.
    (ثالثا) قصد التعاطي والاستعمال كما جاء في المادة (٣٨) (كل من حاز أو اشترى أو أنتج أو أستخدم أو نقل أو صنع مواد مخدرة أو زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم خمسة، أو حازها أو اشتراها وذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي).
    التصنيف القانوني لجرائم المخدرات
    تصنيف جرائم المخدرات من حيث الجسامة والشدة
     الجرائم من حيث الجسامة والشدة تصنف إلى جسيمة وغير جسيمة وذلك بناء على العقوبة وفقآ لأحكام قانون العقوبات وبالمثل جرائم المخدرات تصنف على هذا الأساس لعدم وجود تقسيم ضمن قانون مكافحة المخدرات خاصة بهذا التقسيم.
    والجرائم الجسيمة: هي ما عوقب عليها بحد مطلقا أو بالقصاص بالنفس أو بإبانة طرف أواطراف وكذلك كل جريمة يعزر عليها بالإعدام أو بالحبس مدة تزيد عن ثلاث سنوات.
    الجريمة غير الجسيمة: هي ما عوقب عليها بالدية أو بالارش أو بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات.
    أولا: جرائم المخدرات الجسيمة
    وجرائم المخدرات الجسيمة: الجرائم المرتكبة بقصد الاتجار وجرائم تقديم المخدرات، وجرائم التعاطي، والجرائم الخالية من القصد، وجرائم التعدي.
    ١- جرائم بقصد الاتجار، لأنها أشد ضررا على الإنسان لا بد أن يكون العقاب رادع يتناسب مع خطورتها، فاعتبرها المشرع جرائم جسيمة وعاقب عليها بالإعدام أو بالحبس لمدة أقصاها خمسة وعشرون سنة ولا تنقص عن ثلاثة سنوات، ومتفاوتة بحسب نوع الجرم.
    أ- جرائم الجلب والتصدير، وعقوبتها الإعدام وفقا للمادة (٣٣) من قانون مكافحة المخدرات، وهي جرمة الجلب بقصد الاتجار والترويج، وجريمة التصدير بقصد الاتجار والترويج.
    ب- جرائم الحيازة والإحراز والبيع والشراء ،وتنص المادة (٣٤) فقرة (أ) من قانون مكافحة المخدرات (يعاقب بالسجن مدة خمسة وعشرون عاما كل من تملك أو حاز أو حرز أو اشترى أو باع أو سلم، أو نقل أو قدم للتعاطي مادة مخدرة أو نباتا من هذه النباتات في طور من أطوار نموها هي أو بذويها).
    ج- جرائم الإنتاج والزراعة، وتنص المادة (٣٣) الفقرة (ب): (يعاقب بالإعدام كل من أنتح أو أستخرج أو فصل أو صنع مواد مخدرة بقصد الاتجار، أو بالمخالفة لأحكام هذا القانون).
    استخرج أو فصل أو صنع وهذه هي جرائم الإنتاج الثالث بالإضافة إلى أو زرع وهي جريمة رابع في هذا الصنف من الإنتاج  للمواد المخدرة بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها.
    فيما نصت المادة (٣٤) فقرة (ب) (كل من زرع نباتا من النباتات الواردة بالجدول الخامس، وكان ذلك بقصد الاتجار بها وفي غير الأحوال المصرح بها) وتنص المادة على عقوبة الإعدام بحقه.
    ٢- جرائم تقديم المخدرات
    ووفقا للمادتين (٣٤,٣٥) يعاقب بالسجن لمدة خمسة وعشرين سنة
    (أ) كل من تملك أو حاز  أو حرز  أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي مادة مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.
    (ب) فيما تنص الأخرى على العقوبة نفسها بحق كل من زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم خمسة أو صدر أو جلب أو حاز أو حرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل نباتا من هذه النباتات في أي طور من أطوارها من اطوار نمؤها أو بذورها وكان ذلك بقصد الاتجار أو انجر فيها بأي صورة وذلك غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.
    (ج) كل من رخص له في حيازة مواد مخدرات لاستعمالها في غرض من أغراض معينة وتصرف فيها بأي صورة من الصور كانت في غير تلك الأغراض.
    (د) كل من أدار أو أعد أو هيأ مكانا التعاطي المخدرات، المادة (٣٥) يعاقب بالإعدام أو السجن مدة خمسة وعشرين سنة كل من قدم للتعاطي بغير مقابل مواد مخدرة أو سهل تعاطيها في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.
    ويشمل هذا النوع:
    - تقديم المخدرات للتعاطي
    - تسهيل تعاطي المخدرات
    - التصرف بالمواد المخدرة في غير الأغراض المرخصة فيها.
    - إدارة وإعداد وتهيئة مكانا لتعاطي المخدرات.
     
    ٣- جرائم التعاطي
    تنص الفقرة (أ) من المادة (٣٨) من قانون مكافحة المخدرات (مع مراعاة احكام المادة السابق يعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات كل من حاز أو اشترى أو أنتج أو أستخدم أو فصل أو صنع مواد مخدرة أو زرع أي من النباتات الواردة في الجدول الخامس أو حازها أو اشتراها وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك ما لم يثبت أنه رخص له بذلك بموجب مذكرة رسمية أو طبقا لأحكام هذا القانون)، ويشمل ذلك:
    - حيازة وشراء مواد مخدرة أو نبات من النباتات الممنوع زراعتها
    - إنتاج أو استخرج أو صنع مواد مخدرة
    - زراعة أي من النباتات الممنوع زراعتها.
    ٤- جرائم خالية من القصد
    تنص المادة (٣٩) من قانون مكافحة المخدرات على (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها القانون، يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل من حاز أو حرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو أنتح أو استخرج أو فصل مادة مخدرة أو زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول الخامس وكان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك في غير الأحوال المصرح بها في القانون).
    ٥- جرائم التعدي
    وتنص المادتين (٤٢,٤١) من قانون مكافحة المخدرات على جرائم أخرى مختلفة نوعيا عن كل الجرائم والأفعال والأنشطة التي بجرمها هذا القانون، والشاملة للافعال والتصرفات غير القانونية ذات الصلة المباشرة بالتعامل غير المشروع مع المواد المخدرة، لأنها جرائم من نوع آخر تقع على من يقومون بتنفيذ أحكام قانون المخدرات، حيث تنص المادة (٤١) (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من تعدى على أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين القائمين على تنفيذ هذا القانون أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، وتكون العقوبة بالسجن خمسة عشر سنة إذا حصل مع التعدي أو المقاومة ضرب أو جرح تنشأ عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها، أو إذا كان الجاني يحمل سلاحا، أو كان من رجال السلطة المنوط بهم المحافظة على الأمن ، وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، وتكون العقوبة الإعدام إذا أفضى الضرب أو الجرح المشار إليه في الفقرة السابقة إلى الموت).
    وتنص المادة (٤٢) على أنه (يعاقب بالإعدام كل من قتل عمدا أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين القائمين على تنفيذ هذا القانون أثناء وظيفته أو بسببها).
    ثانيا: جرائم المخدرات غير الجسيمة
    ١- ضبط الشخص أثناء وجوده في أي مكان أعد أو هيأ لتعاطي المخدرات، وكان يجري فيه تعاطيها مع علمه بذلك، ويعاقب بالحبس لمدة سنة.
    ٢- عدم إمساك الدفاتر المنصوص عليها في قانون مكافحة المخدرات، ووفق إجراءات الترخيص للمؤسسات والجهات ذات العلاقة في المجال الدوائي، ويعاقب بالحبس لمدة سنة أو غرامة مالية لا تزيد عن خمسين ألف ريال.
    ٣- عدم الالتزام بالقيد المنصوص عليها قانونيا، يعاقب بالحبس لمدة خمسة أشهر أو دفع غرامة مالية لا تزيد عن عشرون ألف ريال.
    ٤- تجاوز فروق الأوزان المحددة بقانون مكافحة المخدرات، يعاقب بالحبس لمدة سنة أو لدفع غرامة مالية مقدارها خمسين ألف ريال.
    ٥- إنتاج أو استخدام، أو فصل أو صنع أو جلب أو تصدير، نقل، أو حيازة مادة مخدرة من المواد الواردة في الجدول رقم ثلاثة، وكان بقصد الاتجار، يعاقب بالحبس لمدة سنة وفقآ المادة (٤٥) من قانون المخدرات، مع إتلاف المضبوطات.
    ٦- الإهمال بالالتزام بالمواصفات والشروط المقررة قانونيا للصيدليات المسموح لها بالاتجار بالمواد المخدرة، يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وإغلاق الصيدلية، وفقآ المادة (٤٦).

  •